تعتبر الاستثمارات الأجنبية في تركيا من عوامل الدفع الاقتصادي الهامة، وحجم هذه الاستثمارات يعتبر من المؤشرات الرئيسة فيما يتعلق ب الاقتصاد الكلي.

وتعتبر #تركيا من الدول الجاذبة للاستثمارات الخارجية، فما حجم الاستثمارات الأجنبية في تركيا وما أثرها الاقتصادي؟

مرت الاستثمارات الأجنبية في الدولة التركية الحديثة بعدة مراحل..

الأولى قبل عام 2002م،

في هذه المرحلة كانت الاستثمارات متدنية، المرحلة الثانية بين عامي 2002 – 2012م، وفيها حققت تركيا قفزات واضحة نتيجة تحسين البيئة الاستثمارية، المرحلة الثالثة بعد عام 2012م، بعد صدور جديد للتملك والاستثمار وإعطاء المالكين الجنسية التركية، عندها تضاعفت الاستثمارات الأجنبية.

تقاس الاستثمارات الخارجية وفق عدة معايير، إجمالية وسنوية وشهرية، وقد يتم الخلط بين هذه المعايير، مما يقود لتضليل النتائج، والخلط غالبا ما يكون بين السنوية والإجمالية، إذ يقصد بالسنوية مقدار الاستثمارات الواردة خلال سنة ميلادية كاملة، أما الإجمالية فتعبر عن القيمة الكلية التراكمية للاستثمارات على مدى السنوات السابقة.

الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بين عامي 2003 – 2020 تبلغ 165 مليار دولار وذلك وفقا لبيانات البنك المركزي التركي، وتعتبر هولندا الشريك الاستثماري الأهم باستثمارات إجمالية تبلغ 26,2 مليار دولار، و الولايات المتحدة ثانيا ب 12,9 مليار دولار، و بريطانيا ثالثا ب 11,6 مليار، و النمسا رابعا ب 10,6 مليار، و ألمانيا خامسا ب 10,1 مليار دولار.

فيما يخص الاستثمارات الخليجية فمجموعها الإجمالي يبلغ 11,4 مليار دولار، وتتصدر الإمارات قائمة المستثمرين الخليجيين ب 4,3 مليار دولار، و قطر ثانيا ب 2,7 مليار دولار، و السعودية ثالثا ب 2 مليار دولار، و الكويت رابعا ب 1,9 مليار دولار.

من المتوقع أن تتغير خارطة الاستثمارات الأجنبية في تركيا في السنوات القليلة القادمة، لا سيما بعد توقيع تركيا وقطر على 60 اتفاقية استثمارية جديدة في نهاية العام السابق، ومن المتوقع أن تصبح قطر من أكبر الدول الأجنبية من حيث الاستثمارات في تركيا، فمن المتوقع أن تتجاوز 18 مليار دولار، ولعبت اللجنة الإستراتيجية العليا القطرية التركية المشتركة دورا هاما في تعزيز الاستثمارات التركية.

من الملاحظ اختلاف حجم الاستثمارات القطرية في تركيا بين جهة وأخرى، فالبعض يقول إنها 2.7 مليار دولار واخرون يقولون إنها 22 مليار دولار، وسبب هذه الاختلاف الحاصل هو الاتفاقات الاستثمارية الجديدة التي وقعت بين تركيا وقطر وتتجاوز قيمتها 18 مليار دولار، إلا أنها لم تتحول لاستثمارات بعد، فما زالت اتفاقيات.

تصدر تقارير سنوية حول قيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة إلى تركيا، وتختلف بين سنة وأخرى قائمة الدول الأكثر استثمارا، وهذا ما يؤدي للخلط أحيانا مع القيمة الإجمالية للاستثمارات، ففي عام 2019 كانت قطر وبريطانيا من أكبر المستثمرين في تركيا، 19,4% من قيمة الاستثمارات كانت من نصيب قطر، و 18,7% من نصيب بريطانيا.

تسعى تركيا لتحسين بيئة الاستثمار بشكل مستمر، وهذا ما يلاحظ من خلال تقرير سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك_الدولي، فترتيب تركيا تقدم من المركز 69 عام 2017 إلى المرتبة 43 و 33 في عامي 2019 و 2020 على التوالي، وهذا ما يعطي تركيا أفضلية استثمارية واضحة.

تعتبر الاستثمارات الخارجية من المؤشرات الهامة على مستوى الاقتصاد السياسي، فهي تتأثر بالأحداث السياسية والاقتصادية على حد سواء، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال زيادة استثمارات قطر في تركيا، وذلك نتيجة التقارب السياسي التركي إضافة للضغوط الخليجية على قطر، مما دفعها لبناء شراكات استثمارية مع تركيا.

تأثرت الاستثمارات الخارجية في تركيا في السنوات القليلة الماضية سلبا نتيجة عدة عوامل أهمها التوترات السياسية في المنطقة وتراجع #الليرة_التركية وارتفاع نسب #التضخم في البلاد وغيرها من العوامل، إلا أنه من المتوقع أن تعود الاستثمارات الخارجية لزخمها السابق في الفترات القادمة.

لا يمكن عزل انخفاض الاستثمارات الخارجية في تركيا عن حالة تراجع الاستثمارات العالمية نتيجة الإغلاق الاقتصادي نتيجة انتشار فيروس كورونا، فالاستثمارات العالمية الخارجية تراجعت بنسبة 40% عام 2019 بينما تراجعت في تركيا بنسبة 35 % فقط، فالاستثمارات في تركيا انخفضت بنسبة أقل من انخفاض العالمية.

تلعب الاستثمارات الخارجية في تركيا دورا هاما في دعم المؤشرات الاقتصادية في البلاد، وهي تبلغ 0,5% من حجم الاستثمارات العالمية، ويعمل بها 48,000 عامل تركي، وتتركز هذه الاستثمارات في قطاع العقارات والصناعة والصناعات الكيماوية والصناعة التكنولوجيا، فهي داعم لهذه القطاعات من حيث نقل التكنولوجيا الخارجية.

من المتوقع في السنوات القادمة أن تتقدم تركيا على مستوى مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، الأمر الذي سينعكس إيجابا على واقع الاستثمارات الخارجية وبالتالي استقرار الاقتصاد التركي وزيادة فرص نموه.

بقلم .. الأستاذ / يحيى السيد عمر
خبير واستشاري في الإدارة واقتصاد السوق
يُحَضِّر لِنَيْلِ دَرَجَةِ الدُّكْتُورَاه في إِدَارَةِ الأَعْمَالِ من جَامِعَة T.C. İSTANBUL TİCARET
حاصل على شَهَادَةِ المَاجِسْتِيرِ في إِدَارَةِ الأَعْمَالِ من جَامِعَةٍ ALTINBAŞ ÜNİVERSİTESİ  مَاجِسْتِيرِ فِقْهِ الاقْتِصَادِ والتَّمْوِيلِ الإِسْلامِيِّ من جَامِعَة STANBUL SABAHATTİN ZAİM